بقلم : سلوى المؤيد

-أعتقد بأن حركة تطوير المناهج التعليمية في وزارة التربية والتعليم لم تتوقف أبداً إلا أنها كانت تتحرك ببطء ونشطت في أوائل السبعينيات .

   كانت هذه الإجابة رداً على سؤال وجهته إلى مدير المناهج والكتب والوسائل التعليمية في وزارة التربية والتعليم السيد / على بوبشيت بعد أن علمت بأن هناك حركة تطوير واسعة وشاملة لمناهج جميع المراحل الدراسية أبرزها تمديد المرحلة الإعدادية من سنتين إلى ثلاث سنوات مع تغيير شامل لجميع الكتب الخاصة بهذه المرحلة الدراسية .

قلت للسيد على بوبشيت بعد أن أكمل حديثه ..

- ما الذي جعل حركة تطوير المناهج التعليمة تنشط في أوائل السبعينيات؟

أجاب بتأن ٍ :

*  لأننا لكي ننفذ أي تطوير لابد أن نوجد جهازاً أو أجهزة تقوم بهذا التطوير وفي أوائل السبعينيات أنشأت وزارة التربية والتعليم مكتب مراقبة للمناهج والوسائل التعليمية كبداية لتكوين هذا الجهاز فزود هذا المكتب بشعب متخصصة في كل مادة يوجد بها أخصائيون كل في مادته على أن تتوفر لديهم مؤهلات تربوية وخبرة سابقة ناجحة في التدريس ثم تشكلت لجان استشارية ضمت جميع العناصر المشتركة في عملية تطوير وتنفيذ المناهج منها على سبيل المثال أخصائيون في تطوير المناهج وموجهون تربويون ومدرسون ومدرسات من المعهد العالي للمعلمين والمعلمات ومدرسون للمواد يمثلون المراحل التعليمية المختلفة ومدراء المدارس .

- هل تم  بناء هذا الجهاز على أساس دراسة قام بها خبير ؟ 

* طبعاً إذ جاء خبير من اليونسكو قضى في البحرين ثلاث سنوات ساهم خلالها في بناء هذا الجهاز حيث قدم خطة عمل قسمت على مراحل .

• بدأ بتكوين هذه الأجهزة ووضع أسلوب منظم لعملية تطوير المناهج حتى يكون التطوير شاملاً للمنهج بالمفهوم المتكامل.

• الاهتمام بتحديث المقررات وذلك بتطوير الكتب المدرسية لكي تتناسب مع أساليب التربية الحديثة مع الاهتمام بتعريف الطالب البحريني ببلده وتأهيله لما يحتاجه مجتمع البحرين .

• الاهتمام بتدريب المدرسين والمدرسات الذين يقومون بتدريس هذه المناهج المطورة .

• الاهتمام بالوسائل التعليمية المستخدمة .

• تطوير عملية تقويم الطالب لمعرفة نتائج تطبيق المنهج .

• الاهتمام بالأنشطة المختلفة .

- وماذا طبق حتى الآن من هذه الخطة ؟

* سأذكر لك بالتدريج مبتدئاً بالمرحلة الأولى الابتدائية حيث قمنا بدراسة الرياضيات المعاصرة في المرحلة الابتدائية وحددنا نواحي الضعف في تدريس المادة والمشكلات التي تعوق إتمام عملية التعليم بالشكل المطلوب واستعانت الوزارة بخبير من اليونسكو لدراسة وتطوير مناهج الرياضيات قام بدراسة المناهج وأسفرت دراسته عن وضع خطة لمنهج جديد يطبق حسب خطة زمنية بدأت في سنة 1974 في الصف الأول الابتدائي ووضع إلى جانب المنهج كتاب كدليل للمعلم لكيفية تدريس هذه المادة إلى جانب برنامج تدريبي للمدرسين وطبق هذا المنهج في عدد من المدارس لتجربته وأود أن أذكر أن عملية التجريب في عدد محدود من المدارس مهمة جداً قبل التوسع في تعميم المناهج المطورة وكانت النتائج طيبة جداً فطبق المنهج في السنة التالية على جميع المدارس وبدأنا في تطبيق المنهج الجديد للرياضيات المعاصرة بالنسبة للصف الثالث ابتدائي وتجريب المنهج الجديد للصف الرابع الابتدائي وسوف يستمر تنفيذ هذا البرنامج حتى يتم تعميم المناهج الجديدة للرياضيات في كل المرحلة الابتدائية.

- هل يتم تجريب المناهج الجديدة للمواد الأخرى في نفس المدارس التي طبقت فيها تجربة منهج الرياضيات ؟   

* لا  .. فقد اخترنا عدداً من المدارس الأخرى لتطبيق المنهج الجديد للغة العربية واستعنا فيه بكتاب الكويت الشقيق بعد أن أخضع للتجربة والتقويم والمتابعة فعدل بعضه بالاتفاق مع دولة الكويت لكي يلائم الطالب البحريني وقمنا بتطبيق المنهج بنفس الطريقة التي طبقنا بها منهج الرياضيات . 

- هل بدأ تجريب المناهج الجديدة لمادتي الرياضة واللغة العربية في نفس العام؟

* لا إذ بدأنا في تطبيق منهج اللغة العربية عام 1972 .

- وهل استكملت مشروعات تطوير مناهج المرحلة الابتدائية كلها ؟

* استكملنا منهجاً جديداً للعلوم ونوقش في حلقة دراسية وأعد مشروع للتربية الفنية ونوقش أيضا في حلقة دراسية وأعددنا مشروعاً للغة العربية لجميع السنوات الباقية في المرحلة الابتدائية ومشروعاً آخر للمواد الاجتماعية وسوف تناقش المادتان في حلقات دراسية قريبة كما يجرى الآن استكمال مناهج بقية المواد وبذلك تكون مناهج المرحلة الابتدائية قد طورت جميعاً . 

- ماذا عن المرحلة الإعدادية ؟

* في سنة 1975 قررت وزارة التربية والتعليم مد المرحلة الإعدادية إلى ثلاث سنوات بعد أن تبين أن البحرين هي البلد الوحيد الذي تبلغ سنوات سلم التعليم فيه من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية إحدى عشرة سنة بدلاً من اثنتي عشرة سنة ويعود ذلك إلى ضغط سنوات المرحلة الإعدادية إلى سنتين بدلاً من ثلاث سنوات مثل بقية الدول وكان ذلك عبئاَ ثقيلاً على هذه المرحلة بسبب ازدحام المناهج بالمواد الدراسية التي كانت تشكو من الكثير من النواقص بالإضافة إلى ذلك تبين أن أي تطور في المرحلة الثانوية لابد وأن يعتمد على تطوير المرحلة الإعدادية لذلك وبعد أن استكملت الدراسات التي ساهم فيها خبراء من اليونسكو فى هذا المجال استدعت الوزارة خبراء متخصصين في المواد الدراسية لكي يعملوا مع اللجان الاستشارية لوضع المناهج المتطورة لمواد المرحلة الإعدادية ووضعت خطة للتنفيذ بحيث يكون بداية تطبيقها سنة 1977 وبعد أن استكملت المتطلبات الأساسية منها وضع الكتب وتنظيم دورات تدريبية لجميع معلمي الصف الأول الإعدادي تم تطبيق المنهج ومتابعته طوال العام من خلال زيارة الموجهين التربويين للمدارس ووضع التقارير حول سير تطبيق المنهج وإرسال استبيانات مفصلة لمعرفة أراء المعلمين في المناهج المطورة إلى جانب جميع البيانات حول نتائج التلاميذ في الاختبارات الفترية والنهائية .

- ما الفرق بين المنهج القديم والمنهج الجديد ؟

الفرق يتركز في عدة نقاط :

* زيادة الاهتمام بالجوانب العملية منها إدخال مادة المجالات العملية وتضم مواد المعادن والتجارة والزراعة والخزف والتحنيط والصناعات الكيماوية وكيفية صنع اللعب والعرائس وسوف تضاف السنة القادمة إليها مادة النجارة ومبادئ أعمال الكهرباء .

- هل تطبق هذه المواد العملية في جميع المدارس ؟

* ستطبق في المدارس التي تتوفر فيها وسائل تطبيقها أما التي لا تتوفر بها وسائل تطبيقها فنحن نطبق بعضها وتحدد الإمكانيات المتواجدة في المدرسة الأولوية بالنسبة لتطبيق هذه المواد فالمدارس التي تتوفر بها ورش للنجارة ومختبرات كيماوية نضع الأولوية فيها لمواد النجارة واللحام والتحنيط وهكذا سوف يتم التوسع في تطبيق هذه المواد عندما يتم بناء المدارس الجديدة وبعدها سوف نقوم بتطوير المرحلة الإعدادية بعد أن استكملت الدراسات التي ساهم فيها خبراء من اليونسكو . 

- تتساءل بعض الفتيات في مدارس البنات لماذا لا تطبق مواد النجارة واللحام في مدارسهن ؟

* في الوقت الحاضر لا نستطيع تطبيقها في مدارسهن لأن وسائلها غير متوفرة بها لكنا نهتم بإدخال المواد التي تلائم المرأة مع تواجد وسائلها .. مثل الاقتصاد المنزلي والنحت والرسم وصنع العرائس واللعب. إن الصعوبة التي نواجهها فى تطبيق المناهج العملية هي توفير المدرسين الذين تتوفر لديهم مهارة لتعليم هذه المواد .

- لماذا لا تهتم الوزارة بإدخال منهج الاقتصاد المنزلي إلى مدارس الأولاد لضرورته سواء بالنسبة للمرأة أو الرجل ؟

* أنا معك في ذلك ومتى توافرت الإمكانيات لا مانع لدينا من إدخال هذه المناهج.

- هل أخذتم رأى الطلاب قبل تطوير المناهج ؟

* لم نأخذ آراءهم بشكل مباشر ولكن عن طريق الملاحظة ومقابلة الطلاب أثناء زيارة المدارس ومن خلال المدرسين ونتائج الطلبة لكننا نأمل أن نأخذ آراءهم في المستقبل القريب بعد الإعداد لذلك .

- هل يتم الاكتفاء بالخبرات المتواجدة لوضع المناهج الجديدة ؟

* لا .. بل تنظم حلقات دراسية يدعى لها متخصصون من البلاد العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لدراسة هذه المناهج وإبداء الرأي فيها وإطلاع اللجان المحلية على خبرات البلاد العربية في مجال تطوير ومتابعة تلك المناهج .

- لماذا لا يتم إدخال مادة اللغة الإنجليزية منذ الصف الأول الابتدائي بدل الرابع الابتدائي وتقوية هذه المادة لحاجة البحرين إلى إتقانها ؟

* لم يطرح هذا الموضوع من قبل فنحن نبدأ في إدخال هذه اللغة في مراحل قبل المراحل التي يتم إدخالها في الدول العربية الأخرى إذ ندخلها نحن في السنة الرابعة ابتدائي وتدخلها الدول العربية في السنة الخامسة وأحياناً في السنة السادسة ابتدائي .. واتخاذ قرار بشأن تدريس مادة أجنبية أو غيرها من المواد المستحدثة لابد وأن يأتي بعد إجراء دراسات مقارنة وأبحاث ميدانية في المدارس للاسترشاد بها قبل اتخاذ مثل هذا القرار .

- ما هي المواد التي طورت في المرحلة الثانوية .

* هناك مادة الرياضيات التي طورت منذ بداية السبعينيات على سبيل التجربة وتم تعميمها تدريجياً وتم خلال فترة التجريب وضع كتب محلية للمادة كما أدخلنا المادة الفرنسية كلغة ثالثة في الصفين الثاني والثالث الثانوي أدبي كمادة اختيارية ووضعنا هذه السنة منهجاً للتربية الفنية .. أما التطوير الشامل للمرحلة الثانوية فسوف يتم بعد أن تستكمل الدراسات الخاصة بالتخصصات التي يختارها الطالب في المرحلة الثانوية .. وبعد أن نستطيع تخفيف الطابع النظري للمنهج وتطوير المناهج بشكل يخدم التطوير والاحتياجات التي تستجد في البحرين والاتجاهات التي برزت في العالم بالنسبة إلى التعليم الثانوي بما فيه نظام المدرسة الشاملة أو نظام الوحدات الدراسية أو غيرها وتبقى في النهاية التعديلات الضرورية التي يكشف التقييم عن الحاجة إليها والتي تقوم اللجان الاستشارية ببحثها وإدخالها على المناهج الحالية .  

قلت له في نهاية حديثي :

- هل سيهتم المنهج الجديد لطلبة الثانوية بمسألة البحث كأسلوب علمي حديث في عملية التعليم ؟

* أعتقد أن هذا الأمر هام في المرحلة الثانوية ويتخذ جانباً أساسياً في تحويل الطالب من مستقبل للمواد إلى مشارك في عملية التعليم فتزداد بذلك ثقافة الطالب ويتعود دائماً على أن يسعى بنفسه إلى المعرفة بقية حياته لذلك نحن لا نمانع من اهتمام المدارس بتشجيع الطلبة على البحوث .. وهناك مدارس تقوم بذلك الآن ووجدت نماذج مشرفة من بحوث أعدها الطلبة في المعارض التي تقيمها هذه المدارس لكننا لم نضع البحوث كمادة إجبارية حتى الآن .. وقبل أن أنهي حديثي أود أن أذكر أن بيان نتائج المناهج الجديدة لن تظهر الآن وإنما تحتاج إلى بعض الوقت من خلال مستوى نتائج الطلاب وأسلوب تفكيرهم وسلوكهم.

ــــــــ