بقلم : سلوى المؤيد

حرام ما يفعله النواب المتشددين دينياً بوزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفةا ..هذا الهجوم الذي لا معنى له على ما تبذله من جهود مخلصة لتنشيط الحركة الثقافيه والفنية في البحرين وسعيها الدؤوب لجعل البحرين عاصمة للثقافة العربية في عام ٢٠١٢وقدرتها على الحصول على هذا اللقب في وسط عواصم أكثر منا ثقافة وعمقاً وثراء فكرياً .. بسبب الجهود المتواصلة التي تقوم بها منذ أن أخذت على عاتقها الإهتمام بالتراث والثقافة سواء قبل تعيينها وزيرة للثقافة أو بعد ذلك .

ألا يكفى جو الكئابة الذي يعيش في ظله شعب البحرين وسط المظاهرات التي لا تتوقف لبعض المعارضين الشيعة والتي تحولت بروح عبثية لا تحب الوطن إلى فوضى أمنية وقذف بقنابل الملوتوف على الشرطة ونشر مشاعر عدم الإطمئنان لدى المواطنين ..بالإضافة إلى تدهور الوضع الإقتصادي الخطير .

إن ما تقوم به وزيرة الثقافة يهدف إلى نشر الثقافة حول الفنون والفكر للترويح عن نفوس الناس وتثقيفهم بفنون دول غيرهم من خلال العروض الفنية الراقية..إلى جانب إقامة معرض للكتاب والندوات الأدبيةوالفكرية ...فأين ما يمس الدين الإسلامي في ذلك النشاط؟ .

خلال أنشطة ربيع الثقافة هذا العام لم يمر علينا عرضاً واحداً يخدش الحياء..فلماذا يذكرها هؤلاء النواب بعرض تم منذ عدة سنوات واعتبره بعض الناس مخالف لتقاليدنا العربية..وقد توقفت عن جلب العروض المماثلة له وتوجهت إلى كل ما هو راق ولا يتعارض مع عاداتنا العربية وقيمنا الإسلامية ..فكانت عروض هذا العام كلها عروض راقية لا تخدش الحياء فعلى ماذا يهاجمها هؤلاء النواب المتعصبون الذين تركوا مهامهم االأساسية التي انتخبهم الشعب من أجلها من ضرورة توفير البيوت السكنية للمواطنيين..والإهتمام بالصحة والتعليم واحتياجات الناس الضرورية..ومحاربة الفساد في الوزارات ..وقاموا بتهييج أهالي المحرق المسالمين بإقناعهم أن ما تقوم به هذه الوزيرة مخالف للدين الإسلامي رغم أن هذه الإنشطة مستمرة منذ عشر سنوات ولم يعارضهاا أحد من أهل المحرق ..ودفعوهم إلى سلوك غير حضاري عن طريق التجمهر والمناداة بسقوط هذه الوزيرة ..خلال أمسية محترمة أقامتها فنانة لبنانية بالعزف على القانون .

إن مركز الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة لم يشهد من قبل إلا كل ماهو راق ومتقدم حضارياً ولا يسيء إلى عاداتنا أو ديننا الإسلامي ..فلماذا كل هذا الإفتراء على هذه الوزيرة المخلصة لعملها..إنني أحياناً أندهش من حيوية هذه المرأة التي تحرص على حضور كل الأمسيات لتشجيع الجمهور على الحضور وإثراء الحركة الفنية والفكرية في البحرين.

وإذا كان لدى هؤلاء مآخذ عليها أنها تستعين بالموظفين والخبراء الأجانب ولا تشجع الفنانين البحرينيين على حد قول بعضهم..أو لديهم تعليق على أحد العروض الفنية هذا العام ..فإن باستطاعتهم أن يتحدثوا معها بإسلوب منطقي عقلاني بما لديهم من أدلة تدعم ما يدعون لترد عليهم بإسلوب هادىء .. ويكون حواراً حضارياً في مجلس النواب بينها وبينهم ..بدل انتهاج هؤلاءالنواب لإسلوب التهم والصراخ وتحقير هذه الوزيرة المخلصة في عملها ورغبتها في وضع البحرين على خريطة الثقافة العالمية كبلد متحضر ومثقف .. ووتذكيرها بعرض كان منذ سنوات ولم تكرره أبداً .. ومسها في حياتها الشخصية بذكر جدها وعدم رضائه عما تفعله في المركز الذي أنشأته بإسمه..فهذا أسلوب سوقي ولا أعتقد أن ما تقوم به الوزيرة في مركز جدها من نشاط فني وثقافي راق يسيء إليه رحمه الله ..بل بالعكس يجعله فخوراً بحفيدته التي واصلت رسالته الثقافية في الشعر والأدب والموسيقى .

إن التعدى على حياة هذه الوزيرة الشخصية وتهييج الناس البسطاء في المحرق ضدها والهجوم عليها وهي تبذل الكثير من وقتها وجهدها لإسعاد الناس ورفع إسم وطنها حضارياً جعلها تغضب كثيراً وتطلق أوصاف على النواب ما كان ينبغي أن يخرج عنها ..لكن أسلوب النواب الحاد والهجومي أوصلها إلى ذلك..ولا أعتقد وكذلك مئات الآلاف من البحرينيون أن هناك وزيرة ثقافة أفضل من هذه السيدة للقيام بمهامها التي تقوم بهاببذل جهد شخصي ورسمي لكي تحقق رسالة حضارية تخدم إسم وطنها البحرين ..

وكل ما هو مطلوب هو أن تهتم أكثر بالمواهب البحرينية وقدراتهم وتوفير الفرصة لهم للظهور في هذا النشاط الفني والثقافي …

لقد اجتمع الشعب البحريني بجميع طوائفه ومذاهبه ودياناته على الإستمتاع بنشاطات ربيع الثقافة الفنية والثقافية..واستطاعت هذه الوزيرة أن توحد البحرينيين بعد أن فرقتهم السياسة ..ووجدت إقبالاً هائلاً على جميع العروض التي تمت حتى اليوم..ولقد كنت أحد المرتادات للعديد من هذه العروض فلم أجد إلا فناً موسيقياً واستعراضياً راقياً وفكراً وأدباً يسعد النفوس ويسمو بها ..فأين ماهو متعارضاً مع أخلاقيات الدين الإسلامي المتحضر لا كما يراه

الإسلاميون المتطرفون..

ألم يكن الرسول الكريم يشاهد مع زوجته السيدة عائشة أم المؤمنين عزف بالدفوف حسبما قرأنا في أحاديث السيدة عائشةرضي الله عنها ..والدف أحد الآلات الموسيقية المعروفة في عصر النبي صلى الله علي وسلم ..ولم تكن توجد في ذلك العصر الآلات الموسيقية في هذا العصر..كما أن من المعروف أن الموسيقى تسمو بالنفوس..وترقيها فلماذاكل ذلك الهجوم عليها من هؤلاء النواب ؟

إن الدين الإسلامي يشجع الفنون الراقية ..فلماذا يشوه هؤلاء النواب صورة هذا الدين وإبرازه في صورة غير حضارية بتصرفاتهم الغير منطقية والغير حضارية في توزيع فتاويهم الدينية على عامة الناس البسطاء فيسيرون وراءهم دون تفكير عقلاني لتخريب عروض فنية راقية.. واتهام هذه الوزيرة بتهم تمس صميم عملها من حيث الإنفاق المادي بينما هناك جهتان تنفقان على ربيع الثقافة..إحدهما مجلس التنمية الإقتصادية والأخرى مركز الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة ..وكلنا نعلم أن الشيخة مي تسعى من خلال القطاع الرسمي والخاص لكي تنفذ مشاريعها الثقافية والسياحية التي حولت المحرق إلى قبلة للسواح.. وكان هدفها من ربيع الثقافة الترفيه عن الشعب البحريني وتثقيفه بالعروض الثقافية والأدبية بعد أن أرهقته الأحداث المؤلمة في البحرين وما تبعها من تخريب وتدمير يؤرق المواطنين يومياً ..فهل قليل على شعب البحرين أن يفرح بعروض فنية راقية وندوات ثقافية..وأن يستفيد اقتصادياًمنها؟