بقلم : سلوى المؤيد

سنوات خبرته الطويلة في العمل الاجتماعي أعطته تمكناً في الحديث عن هذا المجال .. بدا ذلك في إجاباته الواضحة الدقيقة التي تعكس مدى استمتاعه وحبه لمهنته ..

قلت للأستاذ عبد المنعم هاشم خبير التنمية الاجتماعية في وزارة العمل والشئون الاجتماعية .

* كم سنة مضت عليك وأنت تعمل في المجال الاجتماعي ابتسم قائلا:
- ثلاثون عاماً " .

* أعلم إنك قمت بدراسات اجتماعية كثيرة فلماذا لم تحاول الحصول على درجة الدكتوراه ؟
- لأنني اخترت ميدان الخدمة الاجتماعية .. ولكي أستطيع الحصول على درجة الدكتوراه في هذا المجال كان يجب أن أكتسب خبرة عملية مدتها 3 سنوات بعد أن أحصل على درجة الماجستير ولم أستطع البقاء في أمريكا حيث كنت أقوم بدراساتي فيها في جامعة فاندربيلده كل هذه المدة .. لذا استبدلت رسالة الدكتوراه بدراسات  وأبحاث اجتماعية كثيرة قمت بها في عدة دول منها أمريكا، وألمانيا الغربية ، ومصر ، والجزائر ، وأثيوبيا واكتسبت بذلك خبرة في العمل الاجتماعي لا تقل أهمية عن البحث الاجتماعي .. إن لم تزد عليه لأنها مرتبطة أيضاً بالأبحاث والدراسات النظرية التي يتم تطبيقها فيما بعد .

* منذ متى وأنت تعمل كخبير دولي ؟
-  منذ عام 1959 حيث كنت خبيراً لمؤتمر دولي في التنمية الاجتماعية للدول الأفريقية في الحبشة .

* هل تشغل عملاً رسمياً الآن في جمهورية مصر العربية إلى جانب كونك خبيراً دولياً في التنمية الاجتماعية ؟
- بالطبع فأنا مدير عام المتابعة وتقييم الخدمات العامة في الجهاز المركزي للمحاسبات .. وخبير غير متفرغ للمجلس الأعلى للشباب والرياضة منذ 25 سنة.

* هل عملت بالتدريس أثناء وجودك في القاهرة ؟
-  عدة سنوات .. كنت خلالها مدرساً في جامعة عين شمس والمعاهد العليا للخدمة الاجتماعية .

* هل لديك مؤلفات في العمل الاجتماعي ؟
- لدي خمسة مؤلفات أهمها العمل مع الأطفال في الأندية والتوجيه الاجتماعي للأسرة والتعليم التجريبي .

* ما هي أنجح خطة اجتماعية قمت بتنفيذها أثناء وجودك في جمهورية مصر العربية ؟
سرح قليلاً ليتذكر .. ثم بدأ حديثه :
- كنت متأثراً بمعاملة الأحداث التي لم تكن تختلف عن معاملة السجناء خصوصاً بالنسبة إلى عزلهم عن العالم الخارجي مما كان يسيء إلى نفسيتهم كثيراً ويدفعهم إلى عالم الجريمة .. لذا فكرت في إدخال نظام جديد في التعامل معهم يستهدف إصلاح الحدث وإدماجه في الحياة العامة ليبتعد عن الانحراف .. لذلك قمنا بتنظيم زيارات دورية بينه وبين أسرته .. يذهب إليهم ويقيم معهم يوم الخميس والجمعة ويأتون إليه لزيارته وقمنا كذلك بتنظيم زيارات للأحداث إلى السينما والمعارض وسمحنا لهم بالالتحاق بمدرسة خارج السجن ليكملوا بها دراستهم وأثناء ذلك كنا نعقد اجتماعات بين الأحداث والباحثين والآباء لمعالجة مشاكلهم .. وأحمد الله أنها كانت خطة ناجحة ساهمت في إصلاح الكثير منهم .

* وأعود لأسأله عن أنجح عمل اجتماعي له في الريف المصري ؟
قال : كان الأخصائي الاجتماعي يعمل مع الفلاحين حسب خطة مرسومة له من قبل المسئولين عن عمله .. إلا أنني كنت أعتقد بأن هذا الأسلوب في العمل لا يُعطي نتائج طيبة لأن الفلاح أعلم بما يحتاجه من محصول ومن إصلاح .. لذلك فكرت في أن أجعل عمل الأخصائي الاجتماعي مع الفلاحين محصوراً في مساعدته لهم فيما يرغبون هم القيام به من نشاط .. لكنه لا يعمل لحسابهم .. وكانت هذه الفكرة ناجحة أيضاً لأنها ساهمت في تنمية الكثير من الأراضي الزراعية بتوفيرها للآخصائيين الفنيين .. وساهمت أيضاً في تنمية الوعي الاجتماعي  .
                                             
* ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر لنجاح التوعية الاجتماعية ؟
- أن يختار من يقوم بالتوعية الاجتماعية الموقف المناسب لأداء الخدمة المناسبة هذا إلى جانب ضرورة الابتعاد عن النصح والموعظة .. وأن تكون التوعية عن طريق قصة جيدة يؤديها ممثلون أكفاء .. ويمكن استخدام الملصقات فى بعض الأحيان  .                                                                                                                                                                                                                                              

* ما هي أهم الصفات التي تدل على النضج النفسي عند الإنسان ؟
أجاب  :
- حب الناس والقدرة على العطاء دون انتظار الجزاء في اعتقادي أنهما أهم صفتين تدلان على النضج النفسي عند الإنسان ويأتي بعدهما القدرة على تقبل النقد ثم التكيف مع الواقع ومحاولة تطوره إلى الأفضل .. ووجود الإرادة القوية القادرة على تحقيق طموحات الإنسان .

* ما هي أهداف الخطة الاجتماعية الشاملة التي وضعتها وزارة العمل والشئون الاجتماعية لكي يتم تنفيذها خلال الخمس سنوات القادمة ؟
-  أول أهداف الخطة هي محاولة علاج المشكلات الناتجة عن التخلف والتي تعوق تقدم المجتمع فمثلاً الأمن مشكلة تعوق حركة المجتمع نحو التقدم بما تسببه من ضعف الإحساس بالمسئولية العامة من أجل ذلك تركز الخطة على المشروعات التي تعمل على محو الأمية وخاصة بين النساء لارتفاع نسبتها لديهن ..إلى جانب تنمية الضمير الاجتماعي للفرد .  
 
   أما الهدف الثاني فهو إعادة تكيف المجتمع مع مقتضيات التغير الاجتماعي والاقتصادي التي يمر بها المجتمع في حركة تطوره  .
   
 ويتبع الهدف الثالث من إدراك المسئولين بأن النمو الحقيقي لابد وأن يكون نمواً ذاتياً تلقائياً وأن تكون دوافعه نابعة من الذات لذلك تضمنت الخطة مشروعات وبرامج يبنى من خلالها الفرد دوافعه وطموحه وتنمي في الوقت نفسه قدراته الذاتية لتحقيق طموحاته .. أعطيك مثلاً يوضح ما أقول .

  أسرة ترغب في أن ترفع من مستوى معيشتها وأمامها طريقان .. أما مساعدة مالية دائمة تعينها على تحقيق هدفها مما يجعلها أسرة غير منتجة وعالة على المجتمع .. وأما مساعدة مالية مؤقتة تحصل أثناءها الأسرة على دراسة وتدريب يؤهلها لاكتساب مهارة حرفية تعتمد عليها وتنقطع عنها بعد ذلك المساعدة المالية .
 أ

ما الهدف الرابع فهو نابع من النهوض القومي الشامل الذي يتوقف في الدرجة الأولى على قدرة المواطنين على تحقيقه .. فالمواطن في هذه الحالة غاية ووسيلة بمعنى أن النهضة القومية الشاملة تهدف إلى تحقيق الرفاهية للمواطنين ولكنها لا تتحقق إلا بهم وبمجهودهم وبإسهامهم الفعال في بناء مجتمع الرخاء .. ومن أجل ذلك تضمنت الخطة مشروعات تركز على بناء الإنسان البحريني سواء كان رجلا أم امرأة والارتقاء بمستواها الفكري، والعلمي، والاجتماعي، والثقافي  .

* على أي أساس وضعت هذه الخطة ؟
- وضعت على أساس السياسة الاجتماعية للعمل الاجتماعي المستمدة من الدستور ومن الدراسات الاجتماعية التي أجريت لمعرفة احتياجات المجتمع .
 
*  ما هو مضمون السياسة الاجتماعية للعمل الاجتماعي ؟
- تشتمل هذه السياسة على عدة مبادئ وضعت الخطة في إطارها .

أولا     : إن الرعاية الاجتماعية ليست منحة للمواطنين وإنما هي حق لهم .
ثانيــاً : إن التنمية الاجتماعية لا تنفصل عن التنمية الاقتصادية وإن كل منهما وسيلة للآخر وغاية له .
ثالثــاً : إن العمل الاجتماعي ليس مسئولية الحكومة وحدها بل هو مسئولية مشتركة بينها وبين الشعب .
رابعــاً: التركيز على بناء الإنسان .
خامسـاً : هناك فئات من المجتمع يجب أن تعطى الأولوية فيما يوضع من برامج ومشروعات للرعاية..والتنمية الاجتماعية أولها الأسرة لأهمية الوظائف الاجتماعية التي تقوم بها .. باعتبارها البنية الأساسية فى العمل الاجتماعي .
           
سادسـاً : مراعاة الاستمرارية في برامج ونشاطات العمل الاجتماعي .

فى العدد القادم نستكمل الحوار


ــــــــــــــــــــــــــــــــ