بقلم : سلوى المؤيد

شاءت الصدفة أن ألتقى بهن وأنا أترقب شفاء ابنتي في أحد أقسام الأطفال في مستشفى السلمانية .. دخلن بوجوه مشرقة ضاحكة يوزعن ابتساماتهن واهتمامهن على أطفال القسم .. فخفتت الأصوات الباكية طوال اليوم وكأنها ارتاحت بعد طول عناء ووجدت الحب والحنان الذي تبحث عنه.. فأنا لم أجد أحدا ً بجانب هؤلاء الأطفال طوال النهار .. وعندما سألت عن أمهاتهم علمت إنهن غير قادرات على المجيء بسبب كثرة الأبناء ومسئوليات البيت وبعضهن لا يأتي إلا لاستلام طفله بعد شفائه .. تألمت لهذه النفوس البريئة المتألمة الجائعة للحب .. وسعدت عندما وجدت قلوباً رحيمة تمسح الألم عنها ولو لساعات قليلة ولم أمنع فضولي لمعرفة هويتهن فاتجهت إلى أمرأة منهن طويلة القامة .. مشرقة الابتسامة تتحرك بنشاط وحيوية .. تشترك مع النساء في عملية الترفيه وتلبية حاجات الأطفال ..

قلت لها :
* من أنت ؟
قالت وابتسامه لطيفة تعبر شفتيها:
- نحن عضوات اللجنة الخيرية في جمعية النساء الأمريكيات وأنا المشرفة على نشاط هذه اللجنة.
نساء يتخطين حدود الجنسية واللون ليمنحن الحب لأطفال لا يمتون إليهن بصلة، واشتقت لمعرفة المزيد عن عضوات هذه اللجنة.

*  هل يوجد نشاط أخر لهذه الجمعية؟
قالت :
- نحن نذهب مرتين في الأسبوع إلى بيت المعوقين في مدينة عيسى.. للترفيه عن الأطفال هناك وتلبية حاجتهم حسب إمكانيات الجمعية المادية.



*وهل تأتون إلى هنا بصفة منتظمة؟
- لقد قسمت عضوات اللجنة الراغبات في العمل بهذا المجال والبالغ عددهم 30 عضوة إلى قسمين يقمن في نفس أيام الأسبوع بزيارة مستشفى السلمانية قسم الأطفال .. وبيت المعوقين في مدينة عيسى.

*وهل تلتزم العضوات بالمجيء مرتين أسبوعياً؟
- طبعاً إلا لظروف قاهرة.. ولا تتصوري مقدار حماسهن للعمل ..

وشهدت ذلك بنفسي عندما ذهبت لزيارة بيت المعوقين أثناء زيارتهن ..

كن جالسات مع الأطفال المعوقين في حديقة المبنى .. يلاعبونهم وتتعالى الضحكات من الأطفال .. بعضهم نائم على الأرض لإصابته بالشلل إلى جانب التخلف العقلي وبعضهم قادر على التحرك ببلاهة طفولية تؤلم النفس .. لكن الوجوه سعيدة بالاهتمام الذي تجده وكأنها تبحث عنه منذ زمن طويل.

أثناء عقد رئيسة البيت السيدة أليس معلوف اجتماعا ً معهن  طلبت منهن أن ينتهجن مخطط هادف يشبع حاجات الأطفال إلى الحنان والحب .. ثم وضحت لهم خطة عمل لتنمية ذكاء هؤلاء الأطفال .. بحيث يتمكن من جعل الطفل يشعر بالشيء قبل أخذه .. حتى يعلم ما هو وأعطتهن ورقة تبين نوع النشاط الانعكاسي على الطفل إذا ما بدأن في تنفيذ هذا العمل، كن صاغيات سعيدات لأنهن سيستطعن من خلال هذا العمل أن يساهموا بطريقة فعالة في تنمية ذكاء هؤلاء الأطفال إلى جانب ما يمنحونهن من حب..

قلت للسيدة ساندرا بترشابيت رئيسة اللجنة:

* هل تقبل الجمعية جنسيات مختلفة وهل تستطيع من تنتمي لأي جنسية أن ترشح نفسها لتحمل مهام مجلس إدارة الجمعية ؟
-  الجمعية تقبل نساء من جميع الجنسيات إلا أنها لا تستطيع إذا لم تكن أمريكية أن ترأس الجمعية أو تقوم بعمل إداري في الجمعية ولكنها تستطيع أن تكون رئيسة لإحدى اللجان مثلما أنا الآن رئيسة اللجنة الخيرية وأنا استرالية.

* كم عدد عضوات الجمعية؟
-  200  عضوة ..

* هل تذهب كل نساء اللجنة الخيرية إلى مستشفى السلمانية وبيت المعوقين.
- هناك 20 سيدة من عضوات اللجنة يقمن بخياطة الملابس للأطفال من البيت.

* هل لديكن عضوات بحرينيات ؟
- في الوقت الحاضر توجد لدينا عضوه واحدة هي إقبال الحسن وهي راغبة في العمل التطوعي وقد قالت إنها تحاول إقناع سيدتين بحرينيتين للانضمام إلينا وأنا سعيدة بذلك وأتمنى أن تساهم المرأة البحرينية معنا في إسعاد الأطفال وتلبية احتياجاتهم..

* هل تجتمع عضوات الجمعية ؟
- نحن نجتمع في اليوم الثاني من كل شهر في فندق هيلتون لعدم وجود مقر لدينا ..

* من أين تأتي اللجنة الخيرية بالمال للإنفاق على مشروعاتها؟
- من اشتراكات العضوات وبعض النشاطات التبرعية مثل عرض أزياء أقمناه في فندق هيلتون في نوفمبر الماضي ويذهب كل ريعه إلى الأعمال الخيرية .. وقد قمنا بعمل يانصيب حوالي  27  جائزة في نفس الحفل .

* وكم تدفع كل عضوه ؟
- 5 دنانير سنوياً.

* متى بدأتم العمل في هذه اللجنة ومتى بدأت الجمعية نشاطها في البحرين ؟
- في مارس الماضي أما نشاط الجمعية فقد بدأ منذ 3 سنوات ..

* ما هو نشاط الجمعية بخلاف هذه اللجنة ؟
كل نشاطها اجتماعي إذ تتعاقد الجمعية مع بعض النوادي على اللعب في ملاعبها . وقمنا في الكريسماس والأيسترن بعمل حفلات لأطفال عضوات الجمعية ..

* ما هو النشاط الذي تمارسونه أثناء اجتماعكم الشهري؟
- في كل مرة نجتمع فيها يقوم أحد الحاضرين أو ضيف من خارج الجمعية بالتحدث عن موضوع ثقافي معين ثم يدور النقاش حول هذا الموضوع .. مثلاً فى شهر ديسمبر ألقت علينا الشيخة هيا الخليفة محاضرة حول الحضارة البحرينية وآثارها ..

* وفى نهاية حديثي قلت لها ما رأيك في المرأة البحرينية   ؟
وبلهجة صادقة صريحة قالت
- لطيفة جداً مع الغير .. إلا أني أتمنى أن تكون أكثر نشاطاً في المساهمة بنفسها في الأعمال الخيرية أتمنى أن تشترك معنا نساء بحرينيات كثيرات ليتضاعف ما نقدمه من نشاط يسعد أطفال تعساء محرومين من الحب والاهتمام .
أما إذا سألتيني عن شعب البحرين .. فهو يتميز بالطيبة واللطف والكرم واحترام الغريب لذلك فأنا أحترمه وأحبه كثيراً .

وبعد ألا يستحق عملهم الإنساني الهادف أن أذكرهم في حديث قصير .. كي يكونوا قدوة للجمعيات الخيرية في البحرين فتحذو حذوهم في محاولة إسعاد أطفال بحرينين منسيين في عالمهم المظلم اليائس ..  بل ولعلهم يشاركون في منع وقوع هذه الكوارث في الأسر بتوعية هذه العائلات لتقوم بتنظيم إنجابها حسب قدراتها المادية لتستطيع أن توفر لأبنائها الصحة والسعادة .. ويقدموا إلى جانب أعمالهم الاجتماعية الهادفة عملاً إنسانياً لا يقل أهمية عما يقدمونه .. لأنني وللأسف

الشديد علمت إن معظم إصابات هؤلاء الأطفال وخصوصاً ممن أصيب بالشلل والتخلف العقلي الكامل مع وجود أنبوبة بصورة دائمة مؤلمة لتقوم بتغذيتهم ليعيشوا .. هؤلاء الأطفال .

كان السبب في بعض حالاتهم تمسك أهلهم بكثرة الإنجاب في ظل ضعف مادي شديد إلى جانب تمسكهم بالتطبيب القديم والشعوذة في علاجهم بدل الذهاب إلى الطبيب والأخذ بالأساليب العلاجية السليمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ